الجمعة، أبريل 22، 2011

الـــذَّاكـــرُ الخاشـــــعُ


 ( لوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )

إنّ في القلب قسوة لايذهبها إلا الذكر ، وإن الروح فراغاً لا يملؤه إلا الذكر ،
وإنّ في النفس شغلاً لا يذهبه إلا الذكر ، الذكر يلين القلب ، 
و قلب المؤمن ليس أقسى من الحجر ،  الذكر كلُّه حسنٌ ، في السر والعلن ،
وفي الجهر والخفاء ، ولكنَّ أفضلَه ما وافقَ فيه القلبُ حركةَ اللسانِ ،
فأخشع اللبَّ ، وأخضع الجوارح ، وأبكى العبد ، وأدمع العين ،
وقشعر الجلد، وأطلق الآهات ، وفجر الأنفاس بالزفرات ،
رغبة ورهبةً وتعظيماً وحباً وشوقاً للمذكور جلَّ جلاله وعَظُمَ سلطانُه 
إنَّ أحسنَ الذكر ما زاد العبد حباً في المذكور
فأحب لقائه وعمل لقربه وطمع في ثوابه ،
نعم والله  إن الذكر الحقَّ ما خوَّف العبدَ من أليم عذاب المذكور-تبارك وتعالى-
وشديد عقابه ، فأوقف العبد عند حدوده ونهاه عن معاصيه
 
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {3} أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَرَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ {4}
 
فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه 
وفتح لهم أبوابها في دار العمل فأتاهم من روحها ونسيمها وطيبها
ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها   
 
وكان بعض العارفين يقول :
 ( لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف)
وقال آخر :( مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها قيل و ما أطيب ما فيها قال محبة الله تعالى ومعرفته وذكره )
وقال  آخر : ( إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربا وقال آخر إنه لتمر بي أوقات أقول إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب)    
 
قال سعيد بن جبير
أعلم أن كل يوم يعيشه المؤمن غنيمة . و عنه أنه قال إن الخشية أن تخشى الله تعالى حتى تحول خشيتك بينك وبين معصيتك فتلك الخشية والذكر طاعة الله فمن أطاع الله فقد ذكره ومن لم يطعه فليس بذاكر وان أكثر التسبيح وقراءة القرآن)
 وقرأ عبد الله بن مسعود : 
(إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ) 
قال يقول الله تعالى يوم القيامة
من كان له عندي عهدا فليقم قالوا يا أبا عبد الرحمن فعلمنا قال 
قولوا اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك
في هذه الحياة الدنيا إنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر 
و تباعدني من الخير وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعله
لي عندك عهدا تؤده إلى يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد. 

فبمحبة الله تعالى ومعرفته ودوام ذكره والسكون إليه والطمأنينة إليه
و إفراده بالحب والخوف والرجاء والتوكل والمعاملة بحيث يكون 
هو وحده المستولي على هموم العبد و عزماته و إرادته هو جنة الدنيا 
والنعيم الذي لا يشبهه نعيم وهو قرة عين المحبين وحياة العارفين 
و إنما تقر عيون الناس به على حسب قرة أعينهم بالله عز وجل
فمن قرت عينه بالله    قرت به    كل عين
ومن لم تقر عينه بالله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات)
 
{فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس 
من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق}
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق